أخبار عاجلة

نحن بحاجة إلى فرامل وجهاز انذار. 

مرة أخرى المتغيرات الدولية تجعلنا نقف لنفكر بعمق ونتساءل اذا ضمنا استقرار دولتنا فمن يضمن استقرار السياسة الخارجية؟

حتى نبحر بنجاح علينا الأخذ في الاعتبار أن الرياح قد تأتي بما لا تشتهي السفن

وهذا ما يراه أصحاب النظرة البعيدة و من يرتدون نظارة محايدة

فعادة الحماس للفكرة مع وجود من أعتاد التصفيق يجعلنا نواجه مالا نحتمل.

كتبت في أكثر من مقال عن ضرورة التريث عند الاقتراض وانتقدت إنشاء بعض المشروعات التي كان يمكن تأجيلها و توجيه كامل طاقتنا لبناء مشروعات منتجة عندها لن نحتاج إلى أن نثقل كاهلنا بالديون و ننشئها بأموالنا بأيدي ابنائنا و لاقيت من الهجوم ما لاقيت بأنني لا أرى انجازات و أن هذه المشروعات هي التي سوف تفتح الباب أمام التدفقات النقدية للاستثمار، وأنها سوف تضع الدولة المصرية في مصاف الدول المتقدمة و….

والحقيقة أن الموضوع في نظري كان أشبه بلعبة القمار فها نحن قد أعددنا كل شيء ومنذ المؤتمر الاقتصادي الاول ونحن نعيش على هذا الأمل بعد أن هربت السياحة عقب أحداث يناير 2011 ودخول العالم في بعض الأزمات السياسية التي ألقت ظلالها الثقيلة على البلاد.

ارتفاع سعر الدولار، و أزمة غذاء تلوح في الأفق الملبد بغيوم الأزمات الاقتصادية والسياسية ونحن دولة مستهلكة بل نكاد نكون من أكبر الدول المستوردة للغذاء هذا غير أننا نستورد من الإبرة للصاروخ فحتى الصناعات الموجودة عندنا نستورد معظم المواد الخام لها!.

أزمة سريلانكا تدق ناقوس خطر الديون المطلوب سدادها وفوائدها بالعملة الصعبة، وشعب جائع خرج لمطاردة رئيسه!

القصة بطبيعة الحال بدأت قبل أن يهرب رئيس سريلانكا و يترك المركب تغرق بعد ان تسبب في غرقها من خلال أغراق بلاده بالديون الخارجية التي تجاوزت اكثر من خمسين مليار دولار ..ومنذ اكثر من شهر كان قد أعلن انه لاتوجد قدرة لبلاده علي سداد الديون اي إعلان إفلاس!.

بل أعلن ان الحبوب الغذائية في بلده لا تكفي!، وانه لاتوجد حتي أموال لشراء المواد الغذائية.

نعود بالذاكرة الي السبعينات والثمانينات من القرن الماضي سريلانكا هي ماكنا نعرفها من عبوات شاي التموين وأنواع شلي اخري فاخرة بأسمها القديم ( سيلان ) ..

وهي دولة مهمة في إنتاج الشاي علي مستوي العالم رغم أنها دولة صغيرة نسبيا

لكن شروط صندوق النقد الدولي وسياسات حكومتها التي اخذت ديون لتقيم بها مشروعات كان يمكن تأجيلها لأنها مشاريع غير منتجة من طرق و موانيء وملاعب وغيرها من من مشروعات لا تدر دخلا مع ترك مجموعات الفساد التي تنهش قطع كبيرة من كعكعة القروض وهم الموالين له والذين يدافعون عنه وعن سياسية حكومته الاقتصادية الغير منضبطة

مثال احد المطارات تم أخذ قرض ضخم من الصين لإنشائه وبعد التعثر في سداد القروض تم طرحه للبيع بثمن بخس لنفس البلد الذي أخذ منها القرض وهي الصين نفسها!!! ..

كل هذا كان ممكن أن يتم بعد ان يقيم بنية إنتاجية متطورة صناعيا و زراعيا و هي مشاريع إنتاجية تدر دخلا يزيد علي قيمة أقساط القرض و فائدته.

هناك العديد من الأسئلة التي تطرح نفسها الآن هل ارتفاع أسعار الغذاء والسياسات الغير مدروسة في الاقتصاد سيجعل الحقبة القادمة حقبة ( ثورات الجياع )

خصوصا للدول التي تدور في فلك الصندوق والبنك الدوليين؟

أصحاب الراسمالية المتوحشة يريدون أن تتخلي الدولة عن دورها في التنمية وفي رعاية افرادها و الحكومات أمام المتغيرات الدولية قد تصبح عاجزة عن إدارة شؤون البلاد وسداد اقساط القروض وسط مخاوف من ارتفاع جنوني لسعر العملات الأجنبية

وبعد ثورات الربيع العربي التي مازالت دول المنطقة العربية تعاني من آثارها ومع ظهور بوادر كساد عالمي هل سوف تتحمل الشعوب الأمر؟

ام دشنت سريلانكا بداية حقبة ثورة الجياع؟

علينا أن نفرق بين التشاؤم والحذر و على حكومات الدول العربية على وجه الخصوص الا تفرح بمن يصفق لقراراتها وأن تسمح بوجود معارضة والاستماع لآرائها ولا تعتبرها عدوا للنجاح فالجميع وطني ويريد الخير للبلاد

السيارة بها مستويات للسرعة وبها أيضا جهاز فرامل والتي من وجهة نظري تمثل المعارضة و القائد الماهر يجيد استخدام الاثنين حتى لا يتعرض لحادث ويحدث ما لا يحمد عقباه، اقوى أنظمة التأمين في العالم يشتمل على أجهزة إنذار لمواجهة الطوارئ وهذا ايضا ما تمثله المعارضة. فهي لا غنى عن وجودها لضمان السلامة، هي تمثل الفرامل حتى لا نصل بالسرعة حد الخطر، وهي صافرة الإنذار حتى نسرع بمواجهة التحديات قبل فوات الاوان، وهي التي تؤكد أن الحكومات تسير في الاتجاه الصحيح

المعارض ليس خائن ولا متشائم ولا ناكر جميل المعارض وطني فقط هو يرى الطريق من زاوية أخرى لكنه نفس الطريق.