في حضرة الأرامل دموع لم تجف

بقلم/ شيرين بكر

في حضرة الأرامل دموع لم تجف

ساقني القدر والظروف اليوم لأجالس أرامل متشحات بالسواد.. لا فقط في ثيابهن.. بل في ملامحهن وعيونهن التي لم تجف من الدموع.. وجوههن كانت باهتة.. زرقاء كأن الدم قد هرب منها من هول ما مررن به (تذكرت وجههي كان كذلك هارب منه الدم أيام وشهور وسنين)

أرامل يؤدين روتينا حكوميا باهتا.. فرض عليهن كجزء من رحلة المعاناة التي لم يخترنها.. يتحركن بين المكاتب بخطى مثقلة.. يمضين أوراقا لا تعني لهن شيئا أمام ما فقدنه.. لكل واحدة منهن حكاية وجع.. وكل قصة كانت أصعب من سابقتها… وكأن الألم يتفنن في أشكاله

بدأت أتكلم… أروي لهن قصتي.. لا لأقارن.. بل لأقول: أنا معكن.. نحن في ذات القارب

ظللت أطبطب على هذه.. وأجبر بخاطر تلك.. أحاول أن أزرع في كل قلب منهن كلمة صبر ونقطة ضوء ولمسة أمل.. قلت لهن: “الصمود مش ضعف.. الوقوف مش نسيان.. والدمعة مش نهاية إحنا أقوى”

خرجت من هذا اللقاء وقلبي مثقل، لكنه ممتن… لأني لمست قلوبا صادقة وشاركت لحظات إنسانية لن أنساها ما حييت.. هدأت من روع تلك الأرملة الصغيرة وأطفالها وطمأنتهم بأن الله لن يخذلكم أبدا