كتبت: ابتسام تاج
“طفل يبيع الورد ويكتب الشعر: عندما يُزهر الأمل على الأرصفة”،في وسط العاصمة المزدحمة وبين صخب السيارات، وصفارات المرور، وأقدام العابرين المسرعة، يقف “سامر” ابن العشر سنوات، حاملًا بين يديه باقة من الورد البلدي، ودفترًا صغيرًا ممزق الأطراف. لا يقترب من الناس بعبارات تقليدية، بل يهمس:
“تحب أهديك بيت شعر مع وردة؟”
سامر لا يبيع الورد فقط، بل يكتب معه أبياتًا صغيرة يخطّها في دفتره كل صباح. يقول لنا بابتسامة خجولة:
“ما مش عاوز أبيع ورد طول عمري، أنا بحلم أصيح شاعر.. أو مراسل صحفي مثلك!”
ترك المدرسة منذ عامين بعد وفاة والده، واضطرت أمه للعمل في تنظيف البيوت. سامر أصبح المعيل الصغير، لكنه اختار أن يبيع شيئًا جميلاً، كما يقول:
“الناس تحب الورد.. بتحن قلوبها، حتى لو كانت مشغولة أو زعلانة.”
في أحد زوايا الرصيف جلسنا معه دقائق. قرأ علينا أحد أبياته:
“في الزاوية وردة، وفي قلبي أمل،
رغم التعب.. لسه بحلم وأشتغل.”
توقف بعض المارة، منهم من اشترى وردة، ومنهم من طلب صورة. سامر لم يكن يطلب شيئًا، فقط أن يسمعه أحد.
في زحمة الأخبار السياسية والاقتصادية، قد يبدو خبر سامر “صغيرًا”، لكنه يختصر حكاية مدينة كاملة.
مدينة لا تزال تنبت فيها الورود، رغم التعب، على أيدي أطفال يشبهون القصائد.