شم النسيم وعيد القيامة… حين تتلاقى الطقوس المصرية القديمة
كتبت: ابتسام تاج
يحتفل المصريون اليوم وفي قلب شهر أبريل بعيد شم النسيم وهي مناسبة احتفل بها المصريون قديما وما زالت حتى الآن هذة الاحتفالات والتي كان يصاحبها الخروج الى ضفاف النيل ، والتنزه وقبل ذلك بيوم واحد احتفل الاخوة الاقباط بعيد القيامة المجيد فتتعانق في مصر رائحتان لا تخطئهما الأنوف: رائحة الفسيخ والرنجة، ورائحة البخور في قداسات الكنائس. إنه مشهد فريد تختلط فيه ألوان البيض الملون ببهاء الأيقونات، وتمتزج فيه طقوس الفراعنة القدامى بروح الأعياد الدينية، لتشكل نسيجًا ثقافيًا وروحيًا لا تراه إلا على أرض مصر.
شم النسيم… الاحتفال بالحياة
“شمو”، أو “بعث الحياة”، كما كان يسميه المصريون القدماء، هو أصل شم النسيم. كان هذا العيد يُحتفل به في بداية فصل الربيع، تزامنًا مع تعامد الشمس على وجه الإله آمون في معبد الكرنك، إيذانًا بميلاد دورة حياة جديدة. مارس الفراعنة طقوسًا مشابهة لما نمارسه اليوم: تناول الأسماك المجففة، تلوين البيض، والخروج إلى الطبيعة.
الألوان التي تُستخدم في تزيين البيض لم تكن عشوائية؛ بل كانت ترمز لعناصر الكون الأربعة: الأحمر للنار، الأزرق للماء، الأخضر للنبات، والأصفر للشمس. حتى الرنجة والفسيخ كانت تمثل “رمزًا للحياة البحرية” واستمرارية الغذاء من الطبيعة.
عيد القيامة… بعث روحاني في زمن التجدد
عيد القيامة المجيد عند المسيحيين يرمز لانتصار الحياة على الموت بقيامة السيد المسيح. الاحتفال به يأتي أيضًا في الربيع، بعد صيام طويل، ويواكبه فرح روحي عميق. الكنائس تمتلئ بالألحان القبطية التي يعود أصل الكثير منها إلى اللغة الهيروغليفية والنغمة المصرية القديمة، ما يؤكد أن الروح الفرعونية لا تزال تنبض في قلب الطقوس.
التقاء روحي وزمني
من المثير للدهشة أن شم النسيم وعيد القيامة كثيرًا ما يتزامنان أو يتعاقبان، وكأن الزمن يعيد رسم دوائره بين بعث الطبيعة وبعث الروح. في كلا العيدين نرى رمزية “القيامة” — قيامة الطبيعة من سبات الشتاء، وقيامة المسيح من الموت.
في مصر، لا يقف الدين والتاريخ في طرفي نقيض؛ بل يسيران جنبًا إلى جنب، يكمّلان بعضهما البعض. ففي كل نزهة على ضفاف النيل يوم شم النسيم، وكل شمعة تُضاء في الكنائس ليلة العيد، هناك رسالة صامتة: أن المصريين لا ينسون، بل يحتفلون بالحياة منذ آلاف السنين، ويستمرون في بعث الفرح بكل جيل جديد.