منذُ بداية العام الجاري بدأت الحرب . ولأنها فعلاً صراعا مريراً خطيراً بين القوی العظمی عالمياً .كانت حرب متعددة الأسماء ،وكل إسم لها يخدم طرفاً من أطرافها. في روسيا إسمها العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا ، ولها حسب الروس أسباب وأهداف فهم يشنونها حرباً لتحرير جمهوريتي دونتيسك ولوغانيسك، ثم القضاء علی الصحوة النازية علی حدود روسيا .ثم نزع سلاح دولة أوكرانيا إعادةً للناتو إلی الوراء عسكرياً .
أما في الولايات المتحدة فإسم الحرب هو ،حرب أوكرانيا ، وهي الحرب التي تفننت فيها إدارة بايدن قبل وخلال أيامها الطوال والعسيرة . تفننت في تلقين روسيا دروساً في السياسة الدولية وقررت أمريكا الدفاع عن أوكرانيا بالغالي والنفيس الأوكراني والرخيس الغربي والأمريكي ..
الغالي والنفيس الأوكراني هو كل ما هو أوكراني ، البشر، الشجر، الأرض، الحلم ، الجو، البحر، القمح ، الجيش،الشعب إلخ .أما الرخيس الأمريكي فهو الدُولار . وقد دفعت أمريكا لأوكرانيا منه الكثير كي تدافع عن نفسها ،وبالتالي تضرب بالوكالة عنها في نفس الوقت.
سؤال المقالة هو :
هل تريد أمريكا إنقاذ أوكرانيا أو تدميرها من خلال مدها بالمال والسلاح؟
حول أمريكا عشرات الدول من حُلفائها ، وهُم اليوم يتسائلون، هل سنقبض نفس الثمن وندفع نفس الثمن إذا نشبت نفس الحرب بين نفس الشرق والغرب ؟ في طبيعة الحال لا ذكاء لحلفاء أمريكا إلاَّ المُستمد من رحم أفكارها . ومن عظيم أفكارها القديمة الجديدة هي فكرة القتال فيما بعد ،أو عدم القتال أصلاً . لهذا سينتظر حُلفاء أمريكا دهراً من الزمن حتی تعلن واشنطن الحرب . لتخلصهم من العدو ، كإيران ، فنزولا، الصين، روسيا، كوريا الشمالية ، باكستان ، الهند ،الجزائر، إلخ.
التخلص من عصفورين بسياسة واحدة
كذلك يفهم جميع حُلفاء أمريكا أنهم مُطالبون بعدم تأجيل الحرب ، فعليهم القيام بواجبهم تجاه العدو . وهي ستدعمهم بالرخيس إذا جهزوا للحرب عدة وعتاد من الغالي والنفيس. وهذا ما بات يُعرف بالخيانة التي تعامل بها واشنطن عواصم إعتصمت بصمعتها رغم سوادها وسوئها ، للتخلص من عصفورين بسياسة واحدة . السياسة هي الإنصياع الإنبطاحي والعُصفورين هما أمريكا وأعدائها.
لا يهم أن نجتهد أكثر لنجد جواب السؤال ، فقد إتضحت الإجابة . وبات بيناً أنَّ الأمركيين سيغنمون من أوكرانيا النصر، وهذا ما يهمهم .أما هزيمتهم فهي غير موجودة لأنه لا يهزم المتفرج أثناء المباراة. ولكن قد لا تعجبه النتائج.ونتائج حرب أوكرانيا في كل الأحوال ستكون أفشل عملية عسكرية روسية ..لأن سياسة العقوبات هي التي ستكون أنجح خطة للتحالف الغربي منذ تاريخ ميلادهِ كعالم أول يكره أن يتحكم الغريب في الغرب . ورُوسيا فعلتها وسَيَّستْ وسَعّْرت وأجهضتْ وإغتالت وباعت وإشترت في عالم الغرب. حتی قرر أن ينام في حُلمٍ مُغاير . كل تدابيرهُ الإحترازية ضد رُوسيا ولو كان العَصرُ عصر كورونا.
هذا شأن وحال الغرب بكبار دوله مع كبار حُلفائها . ولكن الغرب أيضاً فيه دول صغيرة تخاف عن نفسها . ونفسيتها اليوم تزداد فزعاً من القيصر بوتن . وهي دُول تسأل نفسها لماذا لا ترزقنا أمريكا والإتحاد الأوربي من فضلهما وفضل الله من الرخيس مالٍ وسلاحٍ. فنغنم ونحن في زمن السلام ، إذ ماذا سنفعل بالرخيس في زمن الحرب ، يوم نجبر على دفع الغالي والنفيس وأمريكا تتفرجُ عن موتنا . وهي غير مجبرة على الفرجة . ولكن هي هكذا تعشق ريادة السينما من البداية ، بل تتقن الأداء البطولي في الأفلام الأمريكية .
ت