استخلص الباحث المتخصص في الحقل الديني والتيارات الإسلامية المعاصرة مصطفى زهران صراع الأجيال داخل جماعة الإخوان المسلمين منذ بداياتها وحتى انتقال الصراع الآن إلى دول خارج مصر وتأثير هذا الصراع على تماسك الجماعة وهل سيؤدي الصراع إلى انتهاء الجماعة وأفولها أم مازالت تمتلك القدرة على احتواء الأجيال الجديدة ودخولهم إلى عباءتها مرة أخرى، والى تفاصيل أكثر عن الدراسة في السطور التالية.
صدر عن «مركز تريندز للبحوث والاستشارات» دراسة حديثة بعنوان «صراع الأجيال داخل جماعة الإخوان المسلمين.. تاريخية الأزمة ومساراتها المستقبلية»، ضمن سلسلة «اتجاهات حول الإسلام السياسي»، للباحث مصطفى زهران، المتخصص في الحقل الديني والتيارات الإسلامية المعاصرة.
تأتي الدراسة في ثلاثة فصول رئيسة، تناول الأول الصراعات الجيلية داخل جماعة الإخوان المسلمين، بدءًا بالجيل الأول خلال الفترة من الملكية إلى الجمهورية والحكم الناصري، ثم الجيل الثاني خلال المرحلة الساداتية والعمل الطلابي في الجامعات، أما الثالث فيسلط الضوء على جيل الثمانينيات والتسعينيات ومطلع الألفية وفترة الرئيس مبارك، ثم أخيرًا الجيل الرابع الذي أفرزته 25 يناير 2022 ومخاض 3 يوليو 2013.
وينتقل المؤلف إلى الحديث عن الظواهر التي أفرزتها الصراعات الجيلية داخل جماعة الإخوان المسلمين، وهنا يدور الحديث تحديدًا عن ثنائية المحافظين والإصلاحيين، وجدليتها في مشهد الجماعة، ثم ظاهرتا «المدونون الشباب» و«الكتائب الإلكترونية»، إلى أن يصل إلى تجربة حزب الوسط، وهو ما مثَّل الانشقاق الحزبي الأول عن الإخوان المسلمين، ثم الظاهرة الأخيرة المتمثلة في أفراد الإخوان المنشقين من 25 يناير إلى ما بعد 3 يوليو.
هنا يصل المؤلف إلى الجزء الثالث في دراسته، بالحديث عن تأثير الصراعات الجيلية على مستقبل جماعة الإخوان المسلمين، لاسيما معضلة الشباب في مواجهة العجائز، ثم النزوع نحو الراديكالية، والتنازع حول القيادة، وكلها تشكِّل تحديات أمام ما تبقى من الجماعة في قادم العمر.
في مجملها تقدم الدراسة وجبة دسمة للمهتمين بمتابعة حقل الإسلام السياسي، لاسيما جماعة الإخوان المسلمين، ومستقبل وجودها، والتحديات التي تواجهها حاليًا، لقياس مدى تأثير الظواهر الاجتماعية والسياسية الأخيرة في إعادة تشكيل المشهد داخل تلك التنظيمات، وهو الأمر الملازم للمتغيرات الدولية والإقليمية الجارية والممتدة.
من الملاحظ في هذه الدراسة الحديثة أن المؤلف- كما أوضح في ملخصها التنفيذي- عالج ظاهرة الصراعات الجيلية داخل الجماعة بمنظور مختلف، ترتبط بشكل كبير بالأحداث المهمة السياسية على وجه الدقة، إلى أن وصل لنتائج مفادها أن ظاهرة صراع الأجيال داخل جماعة الإخوان المسلمين صفة لازمتها منذ ظهورها في المحيطين السياسي والاجتماعي، وأن القول باحتمالية أفولها قراءة قاصرة.
ويستخلص الباحث في دراسته أن أهم التحولات التي نجمت عن صراع الأجيال داخل جماعة الإخوان المسلمين الذي ظهر إلى العلن بقوة مع أحداث 25 يناير 2011 وما تلاها من إطاحة مرسي في الثالث من يوليو 2013، وهو انتقال ثقل الجماعة ومركزها للمرة الأولى من القاهرة إلى كل من لندن واسطنبول، ما يعني مزيدا من تهميش الجغرافيا المصرية في ملف الجماعة.
يدلل الباحث على أن ظاهرة الصراع الجيلي كان أقوى من التصور السائد بأن قوة الجماعة تتمثل في قدرتها على احتواء المتذمرين والساخطين والراغبين في التغيير داخلها، وهو التطور الذي دفع المؤلف للتنبؤ باقتراب أفول جماعة الإخوان المسلمين.