النفايات الطبية.. خطر صامت في شوارعنا يهدد الصحة والبيئة
كتبت:ابتسام تاج
في وقت تتسابق فيه الدول للسيطرة على مصادر التلوث البيئي، يطلّ علينا ملف “النفايات الطبية” في مصر كقنبلة موقوتة، تهدد الصحة العامة في صمت. من المستشفيات الحكومية والعيادات الخاصة إلى المراكز البيطرية والصيدليات، تتسرب مخلفات خطرة إلى الشوارع والقمامة المنزلية، دون رقيب أو محاسبة.
جولات ميدانية تكشف المستور
في جولة لمحررنا بمنطقة “عين شمس”، التقطت عدسة الكاميرا قفازات طبية ملوثة وإبرًا مستخدمة بين أكوام القمامة. المواطن “سيد عبدالرازق” قال:
“أطفال الشوارع بيقلبوا الزبالة، وبيلاقوا حاجات دي، ساعات بيلعبوا بيها ومش عارفين إنها خطر!”
وفي منطقة “فيصل”، أكد أحد عمال النظافة:
“إحنا بنلاقي سرنجات وكياس دم أوقات، ومفيش تعليمات نتعامل إزاي، بنشيلها زي باقي الزبالة.”
مخالفة للقانون.. وموت بطيء
بحسب المادة رقم (14) من قانون البيئة المصري رقم 4 لسنة 1994 وتعديلاته، تُعدّ النفايات الطبية الخطرة جريمة حال التخلص منها بشكل غير آمن.
إلا أن الواقع يشير إلى أن كثيرًا من المنشآت الطبية لا تلتزم بالتعاقد مع شركات التخلص الآمن، إما لتوفير التكاليف أو لعدم وجود رقابة كافية.
أرقام صادمة
120 ألف طن نفايات طبية سنويًا تنتجها مصر، وفقًا لوزارة البيئة.
40% منها فقط يتم التخلص منها بشكل آمن عبر المحارق أو المعالجة الكيميائية.
النسبة الباقية تُلقى غالبًا في مكبات القمامة العادية، أو تُحرق عشوائيًا مسببة انبعاثات سامة.
خبراء يحذرون
يقول د. ياسر عبدالعال، خبير الصحة العامة:
“هذه النفايات قد تنقل أمراضًا قاتلة مثل الإيدز، وفيروسات الكبد، بل وتلوث المياه الجوفية عند التخلص منها بشكل خاطئ.”
فيما تؤكد د. هالة الشامي، أستاذة البيئة بجامعة القاهرة:
“نحتاج إلى منظومة تتبع إلكتروني للنفايات الطبية منذ خروجها من المنشأة حتى التخلص منها، تمامًا كما يحدث في الدول المتقدمة.”
الحل في التشديد والوعي
تشديد الرقابة على المنشآت المخالفة.
إلزام العيادات الصغيرة بالتعاقد مع شركات معتمدة.
رفع الوعي المجتمعي بعدم الاقتراب أو التعامل مع أي نفايات طبية ملقاة.
الخلاصة
الخطر موجود.. ويدور بيننا دون صوت. النفايات الطبية ليست مجرد قمامة، بل سلاح بيولوجي مهمل. وبين غياب الرقابة وضعف الوعي، يبقى السؤال: من يحمي الشارع المصري من هذا “الخطر الصامت”؟