الهروب من اليأس: الهجرة غير الشرعية تسرق أحلام شباب مصر
كتبت: ابتسام تاج
“كان بيحلم يبني بيت ويتجوز، قاللي: يا ماما آخر محاولة، لو رجعت تاني هشتغل أي حاجة. بس مرجعش.”
بهذه الكلمات تبدأ أم أحمد، من محافظة الغربية، حديثها عن ابنها الذي ابتلعته أمواج البحر أثناء محاولة الهجرة إلى إيطاليا عبر ليبيا، في رحلة “غير شرعية” أصبحت حلماً مريراً لمئات الشباب المصريين.
ظاهرة تتصاعد في القرى: الحلم الأوروبي بأي ثمن
رغم الحملات التوعوية وخطورة الطريق، لا يزال حلم “الهروب” من الفقر والبطالة يدفع المئات سنويًا للمخاطرة بحياتهم.
تتمركز أغلب هذه الحالات في محافظات مثل: المنيا، الفيوم، كفر الشيخ، الشرقية، والبحيرة.
يقول حسن.ع، شاب نجى من محاولة فاشلة:
“كنا 35 شاب في عربية واحدة عبر الصحراء، في ليبيا احتجزونا طلبوا فدية، ومنهم اللي مات من العطش أو الضرب.”
شهادات أمهات فقدن أبناءهن: الغصة لا تنتهي
أم إسلام من محافظة الفيوم:
“وصلني اتصال من رقم غريب، بيقول لي ابنك مات غرقان في البحر. قلبي وقع، لسه متجوز من سنة!”
والد مصطفى من المنوفية:
كان عنده دبلوم صنايع ومش لاقي شغل. سافر عن طريق وسيط بـ40 ألف جنيه. قعدنا نبيع دهب أمه ونستلف. ولا رجع هو، ولا الفلوس.”
مافيا السمسرة: وسطاء الموت
يتقاضى السمسار مبالغ بين 30 و70 ألف جنيه للشاب الواحد، ويدّعي ضمان الوصول لإيطاليا عبر ليبيا أو تونس.
وغالبًا ما تكون الرحلة محفوفة بالمخاطر: تعذيب، سرقة، غرق، أو احتجاز في مراكز غير آدمية.
ما بعد الحلم: من نجوا يحكون الواقع
محمد.ك، من الشرقية، وصل إيطاليا قبل عامين:
> “كنت نايم في الشارع أول شهرين، اشتغلت في الزراعة بـ10 يورو في اليوم. دلوقتي وضعي أفضل بس الثمن كان غالي قوي.”
جهود الدولة.. ولكن هل تكفي؟
رغم حملات التوعية ومبادرات مثل “مراكب النجاة” و”حياة كريمة”، إلا أن الفقر، البطالة، والضغط المجتمعي، تظل أسبابًا رئيسية وراء استمرار الظاهرة.
خاتمة:
أحلام مشروعة بعيش كريم، لكنها تُختطف في عرض البحر.
تبقى الهجرة غير الشرعية جرحًا مفتوحًا في جسد القرى المصرية، لا يندمل إلا بحلول اقتصادية حقيقية تمنح الشباب فرصة للحياة داخل وطنهم.