اشد انواع الحب الما وقسوة هو وقوع الشخص بحب شخص لا يبادله الشعور ذاته، ويعيش هذا الشخص الذي يحب أملا كبيرا بأن الشخص الذي يحبه سوف يبادله نفس الشعور يوما، وتزداد المعاناة حين يتدخل طرف ثالث محاولا احياء الامل في قلب المحب كلما شارف على الموت فيعيش على الحياد المميت لا يتحقق أمله بالوصال ولا يقوى على النسيان.
عادة المحب هو الطرف الاضعف وهو من يبذل الجهد والعطاء اللامحدود ارضاءا للحبيب لذلك يمكن للحب غير المتبادل أن يصيبه ببعض الامراض العضوية والنفسية فيتركه في حالة من اليأس ويتسبب له في اكتئاب، ويتراجع مستوى أداءه المهني بشكل كبير ، ويعيش في عزلة اجتماعية، ويقل او ينعدم اهتمامه بالآخرين، ويتراجع نشاطه الحيوي وينمو لديه سلوك عدواني تجاه أي إنسان خاصة لو شعر بقربه من الحبيب، كذلك يتولد عنده خوف من المستقبل، وربما يسقط فريسة الادمان لينسي مشاكله.
لا يختلف حال المواطن من ابناء الطبقة الكادحة عن حال هذا العاشق المتيم فهو يحب هذا الوطن ويدفع فاتورة اي اصلاح اقتصادي على امل ان ينال رضا هذا الوطن يوما فيبادله الحب ويشعر بعائد هذا الإصلاح وهذه التنمية الاقتصادية التي يمني نفسه بها، لكن للاسف قسوة الواقع حائل، تخلى الوطن عن الدور الذي اعتاد أن يقوم به وأصبح المواطن كطفل يعاني الم الفطام من أمه ويواجه تارة الغلاء وتارة استغلال القطاع الخاص بعد أن ترك له القطاع العام الساحة الاقتصادية ليلعب فيها منفردا وتارة رفع الدعم وأصبح كابوس رفع سعر رغيف الخبز يلاحقه في اليقظة والنوم تذكره به الحكومة في كل مناسبة.
في الوقت الذي نرى فيه شريحة امتلكت قلب هذا الوطن وهي المستفيد الاكبر من مقدراته فكلما قامت ثورة للقضاء على الفوارق الطبقية عدنا إلى نقطة الصفر مرة أخرى!، واصبحت قواعد الرأسمالية هي منظم العلاقة بين العاشق ووطنه لذا هو مصدوم البعض أصبح يشعر بعدم الانتماء وانه يعيش على ارضه غريبا والبعض يعيش على مضض والبعض الآخر يحيا على امل، فيما يطل علينا الساسة من وقت لآخر بوعود براقة وخطب رنانة أن الرخاء قادم لا محالة!.
الواقع يقول نسبة الفقر في ازدياد هذا الفقر الذي ينتج عنه مشاكل نفسية واجتماعية وثقافية وسياسية صداع في راس المجتمع، في حين البيانات تقول شيئا آخر! أما الكارثة الأكبر والتي تجعلنا نقف عاجزين عن تفسيرها حين تظهر بعض قضايا النصب على الساحة وتجد العديد من المواطنين سقطوا ضحية لها وأن حصيلة هذه العمليات ملايين الجنيهات!
لذا نعيش أزمة عدم ثقة فلا المواطن يصدق وعود الحكومة ولا الحكومة تصدق أن المواطن أصبح لا يجد حديدة يجلس عليها!، تضغط عليه برفع أسعار السلع والخدمات لعله يخرج شيئا من تحت البلاطة كنزه ويدعي الفقر!
لن يشعر المواطن بالتحسن الاقتصادي حتى ترفع الحكومة يدها عن جيبه لإنعاش خزينتها عليها أن تفكر في إعادة القطاع العام للساحة الاقتصادية ليحدث توازن في القوى يشعر المواطن من خلاله بالأمان و تتنوع مصادر الدخل القومي على أن تتعلم الدولة من دروس الماضي وتحسن إدارة هذا القطاع بعد أن أفقدنا سوء الإدارة العديد من القلاع الصناعية والتجارية
لعل قصة الحب هذه تكتمل فصولها يوما ويشعر المحب أن الحبيب أصبح يبادله الحب.